
تواصل تركيا منذ سنوات إلى حصر مياه نهر الفرات خلف سدودها مانعة تدفقها بشكل منتظم وكافٍ، مخالفة الاتفاقيات الخاصة بتقاسم المياه الدولية، وفجَّر الانخفاض الحاد في منسوب نهر الفرات صدمةً موجعة لدى السوريين، بعدما بدأت ملامح كارثة إنسانية تتشكل على وقع توقف محطات ضخ مياه الشرب وانقطاعها لأيام متواصلة.
ومع ارتفاع درجات الحرارة في سوريا وارتفاع الطلب على المياه لري المزروعات، قامت أنقرة بتقليص مياه نهر الفرات كثيراً، الأمر ينذر بكارثة تطال البشر والمحاصيل الزراعية.
وتهدف تركيا من عملية قطع المياه واستخدامها كسلاح للحرب لخنق السكان الأصليين وتجويعهم ولإجبارهم على التهجير بعدما فشلت مراراً في شن هجوما عسكري على المنطقة.
وحذّرت هيئة الطاقة في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا من تفاقم أزمة مياه الفرات بعد أن انخفض منسوب سد الفرات إلى 6 أمتار.
تستهدف تركيا المناطق التي يحاول التحالف الدولي بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية، إرساء الامن والاستقرار فيها شمال شرقي سوريا، من خلال قطعها مياه نهر الفرات عن الرقة ودير الزور، كما أن تأثيرات حصر المياه لا يشمل فقط الرقة ودير الزور بل يمتد إلى محافظة حلب وريفها وحتى إلى الداخل العراقي، مستغلة أن نهري دجلة والفرات ينبعان من أراضيها ومهدداً بكارثة إقليمية على طول ضفاف النهر.
تأثير مباشر على توليد الطاقة الكهربائية
يعتمد 80 % من سكان سوريا على نهر الفرات في تأمين احتياجاتهم المائية، وهو العمود الفقري للمشاريع الكهربائية والخطط التنموية لسوريا.
وكان سد الفرات وحده ينتج ما يقارب من /800/ ميغاواط من الطاقة الكهربائية في الساعة، وتغذي محطة توليد الكهرباء المقامة على سد الفرات معظم المناطق السورية بالكهرباء، إلا أن معدل إنتاجها انخفض في الوقت الحالي إلى أقل من الربع بسبب انخفاض مستوى المياه في بحيرة سد الفرات.
وخلال السنوات الماضية، بنت تركيا المزيد من السدود على نهري الفرات ودجلة مما أدى إلى تقليص كمية المياه المتدفقة إلى سوريا والعراق.
وأنشأت تركيا /22/ سداً على نهري الفرات ودجلة، بينها /5/ سدود عملاقة على طول نهر الفرات ضمن مشروع ما أسموه بـ”مشروع الغاب”، كما أقامت /20/ محطة للطاقة الكهرومائية على طول نهري دجلة والفرات.
تأثير مباشر على الزراعة وخروج محطات لمياه الشرب عن الخدمة
حصر مياه الفرات من قبل تركيا لم تطل فقط قطاع الطاقة، بل طالت الزراعة وأثرت على مواطني شمال وشرق سوريا بطرق مختلفة، فخفض منسوب البحيرات أدى إلى تهديد القطاع الزراعي، بسبب خروج العديد من مضخات الري عن الخدمة”.
كما أثر في الجانب الإنساني بسبب نقص الوارد المائي وتأثيره على مياه الشرب، حيث خرجت العديد من المحطات عن الخدمة”. إضافة إلى ذلك فإن انخفاض منسوب المياه زاد من تركيز الملوِّثات في المياه وأثر سلباً على صحة السكان، حيث أصبحت مياه الشرب ناقلة للأمراض السارية كمرض “الكوليرا” في دير الزور وكذلك على الزراعة وحتى أثرت على الثروة السمكية والحيوانية أيضاً.
مخالفة للاتفاقيات الدولية
يعد حبس تركيا لمياه نهر الفرات خرقاً للاتفاقية الموقّعة بينها وبين سوريا عام 1987، حول تقاسم مياه نهر الفرات، والتي تنص على توفير تركيا معدل يزيد عن 500 متر مكعب في الثانية من المياه لسوريا تتقاسمها مع العراق، وقد قامت سوريا عام 1994 بتسجيل الاتفاقية لدى الأمم المتحدة لضمان الحد الأدنى من حق سوريا والعراق في المياه.