الأخبار

الجـ ـولاني يتجاهل جـ ـرائم روسيا بحق السوريين ويتمادى: ملتزمون بالاتفاقيات الموقعة مع الأسد وسداد ديون روسيا!

(شبكة دار نيوز الإعلامية ـ مركز الأخبار)

بلمح البصر، عبارة يمكن أن تستشفها من زيارة زعيم هيئة تحرير الشام الإرهابية، أبو محمد الجولاني، إلى روسيا، وتقديمه الولاء والطاعة إلى بوتين، من خلال تعهده بتسديد ديون روسيا لسوريا المقدّرة بعشرات مليارات الدولارات، والتزامه الكامل بالعقود والاتفاقيات المجحفة الموقعة سابقاً مع نظام الأسد، متجاهلاً مجازر وجرائم روسيا بحق الشعب السوري على مدار عقدٍ من الزمن. زيارة الجولاني وعقده لهذه الصفقات مع الجانب الروسي أقرّ بذلك أن الأخيرة كان هدفها هو “مصلحة الشعب السوري”، كما جاء مؤخراً على لسان بوتين خلال المحادثات الأخيرة مع الجولاني في الكرملين، وبذلك فإن جميع المجازر عبر الطائرات الحربية وتهجير الملايين وتدمير المدن فوق ساكنيها كان لـ “مصلحة السوريين”.

بعض الوسائل الإعلامية العربية كقناة العربية، إضافةً إلى وسائل إعلام الجولاني، روّجت لزيارة الجولاني إلى روسيا أن يأتي بالدرجة الأولى للمطالبة بتسليم بشار الأسد وجميع رموز نظامه، وجعلوا من هذه النقطة الجولاني “بطلاً وطنياً” يقطع آلاف الأميال لهدف كبير وهو محاسبة الأسد ورموزه، وبذلك اعتقدت شريحة من السوريين وخاصةً مؤيدي سلطة الجولاني أن مطلبهم في محاكمة الأسد بات وشيكاً، هذا الاعتقاد سرعان ما تحوّل إلى “حلم” بعد أن خرج مضمون المحادثات بين الجانبين على وسائل الإعلام، لكن الضربة القاضية لم تكن فقط في غياب أي طلب من الجولاني بتسليم الأسد ورموز نظامه. بل كانت في إقراره وتأكيده على جميع شروط بوتين للعودة إلى سوريا، ومن ضمنها الالتزام بالعقود والاتفاقيات المجحفة الموقعة سابقاً مع نظام الأسد. إضافةً إلى تسديد ديون روسيا لروسيا.

الجولاني وخلال زيارته إلى روسيا ولقائه مع فلاديمير بوتين، الأربعاء الفائت، أكد أنه سيحترم جميع الاتفاقات التي سبق إبرامها بين البلدين، وهو تعهد يشير إلى أن وضع قاعدتي روسيا العسكريتين الرئيسيتين في سوريا لن يُمس.

كما قال الجولاني خلال اللقاء بأن هناك علاقات ثنائية ومصالح مشتركة مع روسيا، وتربطهم أشياء كثيرة. مؤكداً أنه يحترم كل مضى من اتفاقيات.

حديث الجولاني حول العلاقات الثنائية والمصالح المشتركة مع روسيا، أكّد أنه يسعى فقط إلى البقاء في السلطة وتقديم الطاعة والولاء متناسياً أن ما يقول عنه بأنها “مصالح مشتركة مع روسيا” ما هي إلا “خنجر مسموم” غرزه بكل قوته في صدور السوريين الذين عانوا الويلات على يد روسيا خلال عشر سنوات، حيث القتل والتهجير وتدمير المدن.

في الـ30 أيلول 2015 أعلنت روسيا رسمياً تدخلها العسكري المباشر في سوريا لصالح نظام الأسد، معلنةً بذلك انتقالها من موقع الحامي السياسي للنظام إلى الحامي العسكري المباشر، إذ سبقَ التدخل الروسي المباشر في سوريا، دعمٌ سياسي مطلق لنظام الأسد في مواجهة السوريين بعد انطلاق الحراك السلمي في شهر آذار 2011، وظهر ذلك جلياً في استخدام موسكو حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن 17 مرة لصالح نظام الأسد، لتمنع بذلك اتخاذ أي قرار دولي يساهم أو يساعد في حماية المدنيين السوريين وفق القوانين الدولية.

استخدمت روسيا قوتها العسكرية ضد السوريين بوحشية قل نظيرها في العصر الحالي، متبعةً سياسة الأرض المحروقة، ومتباهية بتحويل أجسادهم ومنازلهم إلى ساحة لاختبار أسلحتها والترويج لها، حيث استخدمت أسلحة محرَّمة دولياً في عدة مناطق سورية بلغت 126 هجوماً، إضافة إلى ما لا يقل عن 236 هجوماً بالذخائر العنقودية.

ارتكبت روسيا ما مجموعه 265 مجزرة منذ بدء تدخلها العسكري، حيث ارتكبت معظم المجازر عبر استهداف منازل المدنيين والأسواق والأماكن المكتظة، بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من المدنيين، وبلغ عدد الضحايا السوريين المدنيين بالآلاف، وكانت لهذه الهجمات المستمرة تبعات كارثية على الصعيد الإنساني من حيث عمليات التهجير القسري التي تعرض لها السوريون طوال السنوات الماضية.

رغم أن آلام السوريين وفاجعتهم كبيرة لما لاقوه على يد القوات الروسية ولا يمكن التعبير عنها عبر كتابة خبر أو مقال، إلا أن الجولاني وبدلاً من تحقيق مطالب السوريين وإنصافهم ومناصرتهم والذي كان يتوقعون فيه أن الجولاني يحمل في جعبته مطالب أساسية لا يمكن تجاوزها وهي “خطوط حمراء” تتمثل في المطالبة بتسليم الأسد ورموز نظامه وتعويض السوريين وإخراج روسيا من الأراضي السورية، ليتفاجؤوا أن الجولاني لم يكن في جعبته أي مطالب تصل في مصلحة السوريين، وأن عاد من روسيا حاملاً بمطالب روسيّة تصل في مصلحة الأخيرة، بينما احتفل وسائل إعلام الجولاني والجوقة المرتبطة معهم وبعض الوسائل الإعلامية العربية التي تدعمه بالنصر الذي حققه الجولاني في روسيا وتفوّق عليها في عقر دارهم من خلال الترويج ما قاله الجولاني خلال المحادثات “لديكم درج طويل ومن الجيد أننا نمارس بعضاً من الرياضة ونستطيع أن نأتي هنا دون أن نتعب”. وهكذا حاولوا صنع مادة إعلامية و “تريند” للتشويش على الشارع السوري عبر وضع تحليلات صبيانية أن الجولاني وجه رسائل قوية إلى روسيا من خلال هذه الجملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى