
(شبكة دار نيوز الإعلامية – مركز الأخبار)
في مشهدٍ يُعيد بذاكرة السوريين إلى ما قبل سقوط نظام الأسد البائد، بياناتٌ واحدة تلوى الأخرى تصدر من الرئاسة الانتقالية السورية الجديدة التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” حول مفهوم التعايش بين مكونات الشعب السوري وصون حقوقهم على قاعدة المواطنة الكاملة والمساواة والشراكة الحقيقية والتماثيل العادل لكافة الأطراف.
هذه البيانات وإن قرأها أي شخصٍ سورياً كان أو غير ذلك، فسيعتقد أن من وصل إلى الحكم سيُطبّقون نموذجاً ديمقراطياً عادلاً لا يوجد له مثيل في أي نظام حكم في العالم. هذا الأمر كان ليُصدّقه كل من يقرأ هذه البيانات التي تصله عبر الحمام الزاجل في عصر لا يوجد فيه شبكة الاتصالات والانترنت. لكن ومع تقدّم التكنولوجيا في يومنا ومع خروج آلاف مقاطع الفيديو على الشبكة العنكبوتية من قيام تحرير الشام ومرتزقة الاحتلال التركي بارتكاب مذابح بحق الطائفة العلوية والتي لا تزال مستمرة حتى الآن، إلى جانب الهجمات الدامية والتهديدات المتواصلة ضد الدروز بتصفيتهم جميعاً، وكذلك التهديدات بارتكاب مجازر بحق الكّرد شبيهة بما حصل في الساحل السوري بات يعلم يقين العلم أن هذه البيانات هي مجرّد كلمات مصفوفة بجانب بعضها البعض، فآلة القتل والإجرام أقوى من أقلام الكتابة ومهما حاولت هذه السلطة ترقيع الجرائم والمذابح بوصفها “حالات فردية” وأنها أعادت الأمن والأمان إلى المناطق التي شهدت المجازر والفلتان الأمني فلن يغير من الحقائق. فالمثل الشعبي الشهير يقول هذا “ضحك على اللحى”.
شهدت مناطق الساحل السوري يومي الـ 6 و7 آذار / مارس هجمات عسكرية ضد العلويين سرعان ما تحولت إلى مجازر علنية بحق المدنيين. هذا ليس اتهاماً سياسياً ولا مجرد بروبوغندا إعلامية، فهناك ـ أي في الساحل ـ وأثناء ارتكاب تحرير الشام ومرتزقة الاحتلال التركي المجازر كان هؤلاء العناصر يقومون بتوثيق ذلك عن طريق هواتفهم المحمولة، مئات مقاطع الفيديو تم تحميلها على الانترنت توضّح الوحشية التي تعاملوا بها مع المدنيين من الطائفة العلوية والتي لا يمكن للعقل البشري أن يستوعبها.. قطعٌ للرؤوس، تصفيات مباشرة عبر إطلاق النار، استخدام أساليب التعذيب ومن ثم القتل وإهاناتٌ وحرقٌ للقرى والأرزاق… ومن ثم تخرج من الرئاسة السورية وعلى لسان مسؤوليها بيانات وصفت ما جرى بأنها “حالات فردية” وسيتم التعامل معها ومحاسبة مرتكبيها.
ولكن مع وجود مئات التوثيقات والتنديد الواسع والكبير محلياً وإقليمياً ودولياً بأن ما حصل لا يمكن إدراجه تحت خانة “الحالات الفردية” ومحاولة التستر على هذه الفظائع. بل هي “عمليات إبادة ممنهجة” تم ارتكابها بناءً على تخطيط مُسبق ، لهذا حاولت السلطة الجديدة في دمشق الالتجاء إلى مخطط بديل لإخفاء الحقائق فأقدم على تشكيل لجنة لتقصّي الحقائق وهذه اللجنة لم تكن من أطراف محايدة وإنما أعضاؤها هم من داخل سلطة دمشق. فكيف لمن ارتكب المجازر أن يعترف بارتكابها؟.
ما يجري بحق الدروز لا يختلف عما حصل بحق العلويين، لكن الفارق هنا هو أن الدروز يمتلكون أسلحة ونظّموا أنفسهم بعض الشيء على شكل مجموعات عسكرية حتى في أثناء فترة وجود النظام البائد بعكس المدنيين من أبناء الطائفة العلوية الذين كانوا مجردين من أي سلاح يمكنهم من الدفاع عن أنفسهم، فما حصل للعلويين كان سيحصل للدروز بنفس الطريقة، فاليوم ما نراه من هجمات ضدهم وتكفيرهم ووصفهم بالعملاء وغيره خير شاهد على ذلك.
أما بالنسبة للكُرد ومكونات شمال وشرق سوريا، لا يختلف الأمر بتاتاً، التهديدات والمذابح مستمرة وهذا الأمر ليس مخفياً، مع إطلاق الكثير من الاتهامات سواءً بتكفيرهم أيضاً أو عن طريق توجيه الاتهامات لهم بالانفصال رغم أن هذه التهم لا أساس لها من الصحة فالادارة الذاتية هي الوحيدة التي حافظت على وحدة التراب السوري وحاربت أعتى التنظيمات الإرهابية (داعش) كما وقفت إلى حد كبير في وجه مطامع الاحتلال التركي الذي يسعى لاقتطاع، الأراضي السورية علماً أن هذه الاتهامات هي ذاتها التي كان يطلقها نظام الأسد البائد والهدف هو دغدغة مشاعر السوريين واللعب على الوتر الطائفي بهدف استمرار الصراع تماشياً مع مصالح السلطة السابقة أو الحالية وكذلك مصالح الداعمين لهم.