تحليلات

الدولة السورية من الفشل الى الاتهامات

انتهج النظام البعثي على مدار الأعوام الماضية من الأزمة السورية إلى تصدير الازمة الداخلية إلى خارج مناطق سيطرته وكيل الاتهامات إلى الجهات الفاعلة على الأرض، وتوجيه أنظار الداخل السوري إلى شمال وشرق سوريا.

وقبيل إدلاء أي قوى سياسية في الشمال السوري أو حتى تناول الوسائل الإعلامية في مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا لأنباء افتتاح الإدارة الذاتية لممثلية لها في جنيف ضمن الاتحاد السويسري سارعت وكالة الانباء السورية لنشر بيان صدر عن وزارة الخارجية السورية يستنكر هذه الخطوة حيث قام النظام باتهام الإدارة الذاتية بالانفصال ودعم أجندات خارجية تهدف إلى تقويض السيادة السورية بالإضافة إلى اتهام الاتحاد السويسري بانتهاكها للأعراف الدولية ومواثيق الأمم المتحدة.

بالطبع أن هذه الخطوة وأسلوب نسج وتدوير الحقائق هو أسلوب يلجأ إليه النظام الحاكم في سوريا منذ بداية الأزمة السورية وذلك بمحاولة لإخفاء الإخفاقات السياسية والدبلوماسية له.

من جانبٍ آخر وعند النظر إلى الفترة الزمنية باشر النظام  لتشويه الإدارة الذاتية وحتى الوقت الراهن وبالمقارنة مع الأشهر السابقة فإن الأيام العشرة الماضية تضمنت حملات مكثفة من قبل وسائل إعلام النظام ــ وبشكل خاص الوكالة السورية للأنباء (سانا) ــ في تشويه سمعة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، بالطبع لا يمكن استبعاد فرضية بأن هنالك بعض الأحداث التي جرت في مناطق الحسكة والشدادي من حوادث قتل واختطاف واختفاء وكانت هنالك أيادي للنظام البعثي بشكل مباشر في حبكها حيث أن النظام روج إلى أنه انفلات أمني في مناطق شمال وشرق سوريا وتأكيدها في كل نشراتها الإعلامية على مصطلح قوات سوريا الديمقراطية التابعة للقوات الأمريكية الأمر الذي يمكن الاستنتاج  بأنه يدخل في إطار مخاطبة الداخل السوري بشكل أكبر، والإساءة للإدارة عن سابق قصد وتصميم.

من جهة أخرى تواصلت محاولات النظام البعثي في حصر الأزمة الاقتصادية التي يشهدها الداخل السوري والتي كانت قد وصلت مؤخراً الى تخوم الساحل السوري وبدأت مؤشراتها تظهر في محافظة طرطوس إلا أن النظام عاد لكيل الاتهامات لقوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية بأنها خلف الأزمة التي تشهدها ومن هذا المنطلق يسعى النظام إلى تهدئة الداخل السوري وزيادة الاحتقان تجاه مناطق شمال وشرق سوريا وتجاه الإدارة الذاتية على وجه التحديد.

ونتيجة لحالة الاحتقان التي ظهرت في مناطق سيطرة النظام  شوهد أواخر الشهر الماضي خروج بعض الشخصيات المدنية والعشائرية – أو كما يدعون – جنوب منبج- المناطق الخاضعة لسيطرته – وهي تحمل صور رئيس النظام بشار الأسد وأعلام النظام وتطالب بدخول الجيش السوري إلى مدينة منبج إلا أن ما لفت الانتباه ان خطاب تلك الشخصيات التي خرجت للتظاهر حيث تحدث عدد من الأشخاص في مقطع فيديو نشر على بعض صفحات التواصل الاجتماعي بضرورة إخراج (الكرد) من منبج بالإضافة إلى الميزات التي يدعون حصول الكرد عليها وتهميش دور العرب، هذه المصطلحات التي أطلقها هؤلاء المحتجين تتشابه بشكل كبير كبير مع الخطاب الإعلامي الذي يطلقه النظام البعثي على مدار الأيام الماضية.

وفي سياق تحركات النظام في مناطق شمال وشرق سوريا كانت قد ظهرت مؤخراً عدة حوادث استهداف مباشر لقوات سوريا الديمقراطية والتي كانت من خلال أشخاص يستقلون الدراجات النارية ويستهدفون السيارات العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية والتي كان آخرها في بلدة جديدة لعكيدات بريف دير الزور الشرقي من خلال النظر إلى أسلوب ومنطقة الاستهداف فإن غالبية عمليات استهداف القوات العسكرية تجري في مناطق تشهد تحركات لمندوبي التسويات التابعة للنظام ومنها(جديدة عكيدات، جديدة بكارة، الشحيل، ذيبان) وهي مناطق تتواجد على نهر الفرات حيث أن غالبية العمليات فور وقوعها تعمد تلك الخلايا النائمة للفرار باتجاه مناطق سيطرة النظام، بالإضافة إلى أن تلك الخلايا تعمد إلى استخدام الدراجات النارية في كافة عمليات الاستهداف وهو نفس الشئ التي عمدت بعض التشكيلات العسكرية الإيرانية على تدريب عناصرها مؤخراً على استخدامها منها (الحرس الثوري الإيراني ،وحزب الله اللبناني).

نستخلص مما يلي بأن محاولات النظام البعثي قد فشلت في التأثير سياسياً أو دبلوماسياً على الإدارة الذاتية وأن الاستحقاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية التي شهدتها مناطق شمال شرق سوريا خلال الأشهر الماضية دفعت بالنظام البعثي إلى تكثيف حملاتها الهجومية لاستهداف مناطق الإدارة الذاتية والتي تستهدف في الدرجة الأولى الشارع من خلال زعزعة ثقة مكونات شمال شرق سوريا بالإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية.

المصدر: مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى