
شبكة دار نيوز الإعلامية ـ مركز الأخبار 6 سبتمبر 2025
تُعتبر العلاقة بين قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية “علاقة استراتيجية” مبنية على تحالف “صلب ومتين” عمادها محاربة تنظيم داعش الإرهابي التي بدأت قبل عقد من الزمن إبان التعاون بين الجانبين في صد هجمات تنظيم داعش ضد مدينة كوباني، والهجوم العكسي ضدها التي أفضت بهزيمة التنظيم عسكرياً في آخر معاقله الجغرافية بمنطقة الباغوز في ريف دير الزور في الثالث والعشرين من آذار/ مارس 2019.
التحالف بين “قسد” ودول “التحالف الدولي” الذي بدأ ضمن إطار مُعيّن وهو محاربة تنظيم داعش الإرهابي، لم يعد ذلك بعد هزيمة التنظيم جغرافياً، فالعلاقة باتت استراتيجية فيما بعد، علاقة بين حلفاء، ففي الوقت التي تمكنت فيها قوات سوريا الديمقراطية من هزيمة أكثر التنظيمات الإرهابية في العالم واستطاعت احتواء الإرهاب الدولي وتوجيه ضربة قاضية ضدها وتدمير خلافاتها المزعومة، استطاعت بذلك تحقيق السلام والاستقرار ليس فقط في سوريا، وإنما في العالم.
هذا الإنجاز الكبير التي حققتها قوات سوريا الديمقراطية، جعل منها طرفاً ولاعباً مهماً على الساحة السورية والإقليمية بإشادة الكثير من دول العالم، وأنها القوة القادرة على تحقيق السلام والاستقرار، ومدى إمكانياتها في ريادة الحل في سوريا عبر المشروع التي أعدته لتحقيق الحل السياسي.
مؤخراً، بدا الحديث عن الدور المهم لقوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا بشكل أكثر وضوحاً، من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين والفرنسيين، ومراكز القرار الدولي بالإضافة إلى المواقع الإخبارية الأكثر شهرةً في العالم.
هذه التصريحات المتطابقة، تمثّلت بأن قوات سوريا الديمقراطية هي القوة العسكرية الوحيدة الموثوقة في سوريا الذي يمكن الاعتماد عليه، وأن “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا هي النموذج الوحيد لمستقبل البلاد.
هذه المواقف برزت بشكل أكبر بعد وصول تنظيم هيئة تحرير الشام إلى السلطة في دمشق، وخاصةً بعد المجازر التي تعرض لها العلويين في الساحل، والدروز في السويداء ودمشق. ما شكّل حالة من القلق الدولي في إعادة إنتاج تنظيم متطرف أكثر من تنظيم داعش نتيجة تحالف التنظيمات الإرهابية فيما بينها خاصة وأن تحرير الشام هي من صلب هذه التنظيمات ولم تتمكن من التغيير.
هكذا، برزت قوات سوريا الديمقراطية عسكريًا بشكل أكبر وأقوى باعتبارها التشكيل العسكري الوحيد الموثوق الذي يُمكن الاعتماد عليه. وسياسيًا، عادت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لتكون قدوة لمستقبل سوريا.
والأمر الملفت الآخر هو ارتفاع وتيرة التدريبات العسكرية والمناورات ما بين قوات سوريا الديمقراطية وأمريكا والتحالف الدولي، وزيارة قائد القوات الأمريكية مؤخراً إلى شمال وشرق سوريا ولقائه بالقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي، إضافة إلى تفقّد القوات الأمريكية قبل أيام فقط لعدة مواقع في إقليم شمال وشرق سوريا لإنشاء قاعدة عسكرية ضخمة في المنطقة بعد قرار الانسحاب من العراق، لتكون مناطق الإدارة الذاتية هي المنطقة المهمة ما يؤكد عمق التحالف المتين بين التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية.
كل هذه المعطيات السياسية والميدانية والعسكرية، وبالأخص زيارة الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأمريكية، إلى إقليم شمال وشرق سوريا، ولقائه بالقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي، هي رسائل مباشرة لتركيا، كردّ فعل مباشر على التهديدات الأخيرة التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن عملية عسكرية جديدة، وكذلك للتركيز على الاستعداد الأمريكي لمواجهة أي هجوم محتمل، بما في ذلك أي تعاون محتمل بين أنقرة وسلطة الجولاني ضد المنطقة.
الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية يرتكز على عدة محاور رئيسية:
1. الدعم العسكري المباشر: ويشمل ذلك تزويد هذه القوات بالأسلحة والذخائر، وتقديم الدعم الجوي خلال المعارك ضد تنظيم داعش، فضلاً عن تدريب وتسليح وحدات النخبة والقيام بعمليات مشتركة.
2. الدعم الأمني والاستخباراتي: حيث تتبادل الولايات المتحدة معلوماتها الاستخباراتية الحيوية مع قسد لمواجهة التهديدات، ولا سيما تلك المتعلقة بتنظيم داعش.
3. الدعم المالي: تقدّم الولايات المتحدة دعماً مالياً متواصلاً، وإن كان غير منتظم في بعض الأحيان، يساهم في دفع رواتب العناصر وتمويل الإدارات المحلية في المنطقة.
4. الدعم السياسي والحماية: يشكّل الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة عامل ردع نسبيًا، وإن كان مؤقتًا، أمام الهجمات المحتملة من قبل القوات التركية أو حتى قوات النظام السوري، مما يوفر غطاءً وحماية سياسية محدودة.
في المقابل، يختلف دعم الولايات المتحدة للحكومة الانتقالية في دمشق بشكل جذري:
· غياب الدعم العسكري: لا تقدم واشنطن أي دعم عسكري مباشر، فلا توجد قوات أمريكية تقاتل إلى جانب الحكومة الانتقالية.
· محدودية الدعم الاقتصادي: لا يزال الدعم الاقتصادي المقدم منخفضًا وبطيئًا، ومشروطًا عادةً بتنفيذ إصلاحات.
· علاقة مشروطة بالثقة: تتعامل الولايات المتحدة مع الحكومة الانتقالية بحذر، وتراقب سلوكها، خاصة في مجالات حقوق الإنسان والتعامل مع الأقليات.
· غياب المظلة الأمنية: على عكس الدعم المقدم لـ “قسد”، لا توفر الولايات المتحدة حماية عسكرية للحكومة الانتقالية التي تُجبر على التعامل مع أطراف إقليمية متنافسة ومتنافرة (روسيا، إيران، تركيا) دون وجود ضامن قوي.



