
“شبكة دار نيوز الإعلامية ـ شيرين حسن”
منذ سنوات وقبل سقوط النظام البائد. كانت هيئة تحرير الشام تحتلُّ مدينة إدلب في شمال غرب سوريا، فيما كانت مناطق عفرين، وسري كانية، وكري سبي / تل أبيض، واعزاز، وجرابلس، والباب محتلّة من قبل تركيا ومرتزقة الجيش الوطني السوري التابعة له.
طيلة سنوات، كانت هذه المناطق التي أسماها الطرفين المُحتَلّيْن بـ “المناطق المحررة” تشهد جرائم وانتهاكات من “قتل، خطف، تعذيب، نهب وطلب الفدية” بحق سكانها أو حتى ضد المدنيين القادمين من مناطق سورية أخرى، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد فقط، بل كانت الاشتباكات الشبه يومية بين الفصائل المرتزقة نفسها بات مشهداً اعتيادياً تتصدّر عناوين الأخبار. الاشتباكات التي كانت تجري حينها إما بسبب خلاف على المسروقات أو على صفقات تجارة المخدرات أو بسبب التجاوزات الغير أخلاقية التي كان يرتكبها قيادات وعناصر الفصيل بحق زوجات وشقيقات عناصر المرتزقة نفسهم.
مناطق تحرير الشام لم تكن بعيدة عن مثل هذه الجرائم، حيث الاغتيالات وعمليات القتل والخطف والإخفاء القسري والتعذيب، في حين كانت الجبهات مع النظام السوري البائد متوقّفة لسنوات، فيما أفواه البواريد كانت متوجّهة لتلك المناطق.
مجازر ضد العلويين
بعد سقوط النظام السوري السابق بتوافق دولي. سيطرت هيئة تحرير الشام ومرتزقة الاحتلال التركي على المناطق التي كانت تحت سيطرة النظام السوري. لتتوسّع المناطق (المحررة) ـ كما يطلقون عليها ـ، لتشهد هذه المناطق (المحررة حديثاً) سلسلة من المجازر والمذابح المنظّمة استهدفت أولاً وبالدرجة الأولى الطائفة العلوية، وكانت أبشع هذه المجازر تلك التي حصلت في مارس / آذار الفائت والتي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين بينهم نساء وأطفال وكبار السن، فيما بقي المئات منهم في عداد المفقودين.
اختيار تاريخ وتوقيت مجازر شهر آذار 2025 بحق المدنيين من الطائفة العلوية. لم تكن صدفة. بل عملية منظّمة أرادت بها تركيا ومرتزقتها وتحرير الشام توجيه رسائل معينة، ففي هذا الشهر ارتكبت هذه الأطراف مجازر بحق الكرد في عفرين عام 2018 واحتلتها وأرادت بذلك القول أن مناطق الساحل السوري أصبحت خاضعة اليوم لسيطرتهم وخاصةً تركيا والهدف هو إجراء عمليات التغيير الديمغرافي الشبيه بما حصل في عفرين.
جرائم ضد الدروز
لم يكن العلويين هم وحدهم في مرمى إرهاب تحرير الشام وتركيا ومرتزقتها، فالدروز تعرضوا لهجمات متتالية من قبلهم وخاصةً في دمشق، وفي حال لم يكن هناك تنظيم عسكري للطائفة الدرزية الكريمة ربما كنت شاهدنا مجازر أفظع بحقهم تحت ذريعة تعاملهم مع إسرائيل. علماً أن الإرهابي الجولاني يستمر في التطبيع مع إسرائيل ليتحول من الممانعة إلى المبايعة. علماً أنه كان لديه علاقات وطيدة مع إسرائيل في الخفاء ليتحول بعد ذلك إلى العلن مع وصوله للسلطة.
المسيحيون في مرمى الإرهاب
المسيحيين لم يكونوا بمنأى عن جرائم تحرير الشام ومرتزقة الاحتلال التركي، فمنذ أشهر وهم يتعرضون لمضايقات جمّة واستفزازات تدعوهم لترك ما يسمونه الكفر (الدين المسيحي) وإعلان إسلامهم وإلا سيتعرضون للابادة، وبالفعل هذا ما حصل، فقد كانت أولى فصول هذه التهديدات دمويةً تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة دمشق والتي راح ضحيتها نحو 25 مدني وجرح آخرين. لم ينتهِ الأمر هنا، فمنذ حصول التفجير الإرهابي والمسيحيون يتعرضون للتهديدات بمجازر شبيهة سواءً عبر نشر منشورات ورقية أو من خلال تهديدات مصورة من قبل قيادات وعناصر إرهابية من تحرير الشام ومرتزقة الاحتلال التركي.
الكُرد والعرب في مرمى التهديدات
أما الكُرد والعرب في مناطق الإدارة الذاتية، فهم أيضاً يتعرضون للتهديدات من قبل الإرهابيين بالإضافة إلى اعتقال واختطاف المدنيين الكرد على الحواجز أو داخل المدن كما في العاصمة دمشق. لكن الكُرد والعرب وباقي المكونات في شمال وشرق سوريا لديهم تنظيم عسكري قوي متمثل بقوات سوريا الديمقراطية يبلغ تعداها أكثر من 110 آلاف مقاتل مدربين بشكل احترافي ولديهم أسلحة نوعية، كما أنهم تصدوا لهجمات على مناطقهم كما هو الحال في سد تشرين التي أوقعت خسائر كبيرة في صفوف مرتزقة تركيا وتدمير الكثير من أسلحتهم وعرباتهم العسكرية.
قسد.. الأمن والأمان
في محصلة كل ما ذُكر، تدّعي هيئة تحرير الشام ومرتزقة الاحتلال التركي أن مناطق شمال وشرق سوريا هي محتلّة، والهدف من هذا الترويج والاتهام هو احتلال هذه المناطق وارتكاب المجازر بحق من لم يتسنى لهم تنفيذها، علماً أن مناطق شمال وشرق سوريا تُدار من قبل أبنائها الكرد والعرب والسريان والآشور سواء ضمن المؤسسات المدنية أو العسكرية.
هذه المناطق التي يدعون أنها “محتلة” تشهد حالة كبيرة من الأمن والأمان والاستقرار وتعيش فيها المكونات بحرية تامة. لا وجود للمضايقات بحق الأديان أو القوميات، فالجميع يعيشون حياتهم بحرية وديمقراطية رغم قيام هذه الأطراف ببث الفتن وتجنيد الأشخاص للقيام بأعمال إرهابية بالإضافة إلى قيامهم بإعادة تنشيط داعش، ولكن رغم كل ذلك فإن صوت الحق يبقَ عالياً لأن ما بُنيَّ على حق فهو حق وما بُنيَّ على باطل كما في مناطق سلطة دمشق ومرتزقة تركيا فهو باطل … فـ بالله.. من هي المناطق المحتلة ومن هي المناطق المحررة إذاً…؟




