
“شبكة دار نيوز الإعلامية ـ وائل الغانم”
منذ سيطرة تنظيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على السلطة في دمشق، لم تتوقّف الغُرف المُظلمة التي تُديرها الهيئة إلى جانب استخبارات الاحتلال التركي عن الترويج والتلويح إنَّ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية قد بدأت بالتخلّي عن قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
مئات المنصات على “إكس” ومثلها على “فيسبوك” بدأت بالضخ الإعلامي المشبوه أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية بدأت بالتراجع التدريجي عن دعم “قسد”، وأنها أعطت مهلة حتى شهر أغسطس / آب القادم لتسليم أسلحتها إلى سلطة دمشق، فيما كان آخر الأخبار الترويجية الكاذبة هي أنَّ أميركا قطعت رواتب “قسد” وإنَّ الأخيرة قد أبغلت عناصرها أن رواتب هذا الشهر هو الأخير.!
لكن ومع كل خبر كاذب ودعاية إعلاميّة رخيصة من قبل هذه الأطراف، فإنَّ الولايات المتحدة وغيرها من دول التحالف وعلى رأسها “فرنسا” تُجدّد دعمها الكامل لـ “قوات سوريا الديمقراطية” عبر بيانات رسمية وعلى لسان مسؤوليها أيضاً.
دعم مالي وعسكري لـ “قسد” ورسالة مزدوجة لـ “دمشق” وتركيا
في الوقت التي كانت تنتظر فيها سلطة دمشق وتركيا بعد كل عمليات التخطيط وتشويه صورة قوات سوريا الديمقراطية من سواءً من خلال بث السموم على وسائل الإعلام التابعة لها، أو من خلال التفجير الإرهابي الذي استهدف المسيحيين في كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة دمشق والذي أسفر عن سقوط العشرات من الشهداء والجرحى وإلصاق التهمة إلى “قسد” من خلال الادعاء أنَّ أحد منفّذي التفجير قدم من مخيم الهول.
تركيا وسلطة دمشق كانتا تهدفان من وراء ذلك محاولة إظهار “قسد” على أنها إما غير قادرة على محاربة التنظيم الإرهابي أو أنها على علاقة مباشرة بالتفجير وبالتالي قطع التحالف الدولي علاقتها مع “قسد” وتسليم ملف محاربة داعش إلى سلطة دمشق، حيث تمَّ التخطيط للعملية بعد لقاء أحمد الشرع مع الرئيس الأمريكي ترمب منتصف أيار الماضي وكان الهدف توقيف الدعم عن قسد وأن يكون البديل هي سلطة دمشق من خلال تنفيذ هذه المجزرة الإرهابية، لكن الولايات المتحدة الأمريكية ليست بغافلة عما خُطِّط له بين “دمشق” و “أنقرة” وهي تعلم أنَّ مُنفّذي التفجير الإرهابي قد تلقّوا أوامرهم من سلطة دمشق والاستخبارات التركية وبالتالي فشل الطرفان فشلاً ذريعاً في الوصول إلى مآربهم الخبيثة.
في المقابل، ردت واشنطن عبر وزارة دفاعها “البنتاغون” ووجّهت رسالة مزدوجة إلى سلطة دمشق وتركيا عبر تخصيص دعم مالي وعسكري جديد لقوات سوريا الديمقراطية إلى جانب جيش سوريا الحرة ضمن ميزانية العام 2026، وهو ما يعني أن “واشنطن” أكّدت مجدداً تثبيت تحالفاتها مع قوات سوريا الديمقراطية في وجه محاور إقليمية، فهي لا تعتبر “قسد” حليف تكتيكي، وإنما حليف استراتيجي مهم.
وكشفت وثيقة مشروع ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية للسنة المالية 2026 (CTEF FY2026) عن استمرار الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وذلك ضمن إطار “برامج دعم القوات الشريكة” في سوريا، لا سيما في سياق الحرب المستمرة ضد داعش.
وبحسب الوثيقة، فإن قسد تُعد أحد الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة في سوريا، حيث تُخصص ميزانية قدرها 130 مليون دولار لدعمها عبر حزمة متنوعة من المساعدات العسكرية واللوجستية والتدريبية، بهدف تعزيز استقرار المنطقة ومنع عودة التنظيم المتطرف.
تفاصيل الدعم
وتوزعت المخصصات المالية على عدة بنود، شملت:
تزويد قسد بمعدات عسكرية، بما في ذلك الأسلحة الخفيفة، الذخائر، وأجهزة الاتصال.
التدريب والدعم الفني، لرفع الكفاءة العسكرية والقدرة التشغيلية للقوات.
الدعم اللوجستي والطبي، بما يشمل خدمات الإسعاف الأولي، التغذية، والإمداد.
إعادة تأهيل البنية التحتية الأمنية والعسكرية، مثل نقاط التفتيش ومقرات العمليات والمواقع الميدانية.
ويأتي هذا الدعم ضمن استراتيجية البنتاغون للحفاظ على المكاسب العسكرية التي تحققت ضد تنظيم “داعش”، ومنع عودته، عبر تمكين القوات القادرة على تأمين الأرض ومواجهة التهديدات المستمرة.
دعم مباشر للعمليات
الوثيقة أشارت أيضاً إلى تخصيص 4.433 مليون دولار بشكل خاص تحت بند “الدعم العملياتي” المباشر لقوات قسد، ضمن ميزانية الدعم الموجهة لسوريا، ما يؤكد استمرار التزام واشنطن بالتعاون مع شركائها لتحقيق الأمن والاستقرار في المناطق التي كانت سابقاً خاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف.
المبعوث الأمريكي “قسد حليف مهم”
بداية شهر يونيو / حزيران الفائت، استضافت قناة “NTV” التركية المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا “توم باراك”، وكان من بين الأسئلة الموجهة لـ “باراك” (متى ستقول أمريكا لسنا بحاجة لقوات سوريا الديمقراطية. هل سيأتي يوم كهذا؟)، ليرد المبعوث الأمريكي بالقول “قوات سوريا الديمقراطية ((حليف)). الدعم المُقدم لها هو دعم مُقدم لحليف. إنهم لاعب مهم للغاية بالنسبة للكونغرس والدعم الذي تحصل عليه يحظى بأهمية خاصة داخل الكونغرس الأميركي.
قسد تنظيم عسكري قوي
الجميع سواءً داخل سوريا أو خارجها بات يعلم جيداً أن قوات سوريا الديمقراطية، هي قوات عسكرية منظمة ومنضبطة ولديها قدرات عسكرية هائلة وخبرات واسعة، كما يتكون تعداد مقاتليها أكثر من 110 آلاف مقاتل مؤلّفة من جميع مكونات شمال وشرق سوريا. والشيء الذي يُميّزها أيضاً وتجعلها كتلة متينة ليس فقط وجود هذه المكونات. بل لأنه لا يوجد ضمن هيكليتها أي تفرقة. فالجميع متساوون وهم ينطلقون من القاعدة المهمة أن التكاتف هو ما يزيد من قوتهم ويجعلونهم الرقم الصعب في المعادلة السورية.




