
(شبكة دار نيوز الإعلامية ـ وائل الغانم)
في الوقت الذي أعلنت فيها السفارة الأمريكية في العاصمة السورية دمشق، عن انضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة “داعش”. إلا أن الوقائع الميدانية على الأرض توحي بشكل خطير أن سلطة الجولاني انضمت للتحالف “ورقياً” مع الظهور العلني لعناصر التنظيم في مناطق سيطرة الأخيرة عبر إقامة حواجز لها وفرض سلطتهم على الأهالي والتحكم بنمط حياتهم، إضافة إلى ظهور الفكر الظلامي الداعشي في المدارس والشوارع وداخل أجهزة الأمن المرتبطة بسلطة الجولاني.
بعد سيطرة سلطة الجولاني على الحكم في سوريا، تبدّلت استراتيجية تنظيم داعش الإرهابي من التخفّي إلى الظهور العلني، بسبب البيئة الخصبة التي وجدها التنظيم مع وصول جبهة النصرة إلى سدة الحكم وتوفيره الملاذ الآمن له للتحرك بحرية مطلقة ونشر أفكاره الظلامية المتطرفة. الأمر الذي يُشكّل خطورة كبيرة على أمن السوريين والمنطقة برمتها.
مظاهر الفكر الداعشي في المدارس
أحد أبرز الأماكن التي يظهر فيها الفكر الداعشي هو المدارس. فقد أصبحت بعض المناهج الدراسية تحمل أفكاراً متشددة تتماشى مع إيديولوجية داعش، مما يؤثر على عقول الطلاب الصغار. بالإضافة إلى ذلك، تُلاحظ الشعارات المتطرفة على جدران المدارس، وتُسمع الهتافات الداعمة لهذا الفكر في الساحات المدرسية.
وسبق أن تم تداول العديد من مقاطع الفيديو في مناطق سلطة الجولاني حيث يتم ترديد هتافات خطيرة متشددة، إضافة إلى أن الشعار الصباحي للطلاب في المدارس باتت تحمل صبغة متطرفة يتم فيها تعليمهم على القتل تحت مُسمّى “الجهاد في سبيل الله” في استغلال واضح للدين الإسلامي بما يخدم مصالح التنظيم المتطرف (داعش) وسلطة الجولاني الإرهابية (جبهة النصرة سابقاً).
انتشار الفكر الداعشي في الشوارع
لم تقتصر مظاهر الفكر الداعشي على المدارس فقط، بل امتدت لتشمل الشوارع العامة. يمكن للمارة رؤية الأعلام السوداء تُرفع في بعض الأحياء، كما تُسمع الهتافات المتشددة في التجمعات العامة التي تُنظّمها سلطة الجولاني.
وسبق أن أظهرت إحدى مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، راية تنظيم (داعش) معروضة للبيع في أحد محال سوق الحميدية بالعاصمة السورية دمشق. وأظهرت الصورة راية سوداء مكتوب عليها: “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، وهي الصيغة نفسها التي يعتمدها تنظيم “داعش” كشعار رسمي له منذ ظهوره العلني العام 2014.
عناصر داعش ضمن صفوف قوات الجولاني
لا يقتصر انتشار خطر داعش في تواجده داخل المدارس والترويج لتنظيمه الإرهابي بعقول الطلاب أو رفع أعلامه في أحياء وأسواق المدن وبيعها بسكل علني، بل إن التنظيم لديه عناصر كثر داخل البنية التنظيمية والأمنية والعسكرية في قوات سلطة الجولاني.
عناصر التنظيم لا يقومون بإخفاء هوياتهم كما في السابق. بل باتوا يتحركون بشكل علني مع وضع إشارات التنظيم على أكتافهم في المقاطع التي يتم تصويرها، وهذا ما تجسّد في مجازر الساحل السوري بحق أبناء الطائفة العلوية وكذلك في مجازر السويداء بحق أبناء الطائفة الدرزية، حيث ارتكب تنظيم داعش المجازر جنباً إلى جنب مع قوات سلطة الجولاني.
ميدانياً أيضاً، فقد ذكرت مصادر محلية من مدينة حلب معلومات أفادت أن عناصر تنظيم داعش يتحركون بحرية تامة بزيهم الرسمي، وخاصة في حي الشعار بمدينة حلب حيث استولى التنظيم على مبان حكومية وحولها إلى مراكز دائمة لعناصره.
أحد عناصر الأمن العام التابعة لهيئة تحرير الشام في حلب أكد إنهم تلقوا أوامر وتوجيهات رسمية من السلطات الأمنية بعدم التعرض لعناصر داعش أو الاقتراب منهم في حي الشعار في حلب وعدم التدخل في شؤونهم.
وتشير معلومات مؤكدة إلى أن شخصاً يُدعى “أبو نظير التونسي” هو المسؤول عن عناصر داعش في منطقة الشعار، وقد استولى على مبنى من ثلاثة طوابق كان سابقاً مركزاً صحياً، وحوّله إلى مقرّ لعناصر داعش. ويقع المركز غرب دوار الحلوانية بالقرب من منطقة الشعار. يوجد أكثر من 20 عنصراً من داعش في المركز، وهم يبقون فيه دائماً، بينما يتمركز آخرون في نقاط مختلفة في الشعار.
حلب حاضنة لتجنيد عناصر جدد
المصادر المحلية أكدت أن معظم عناصر داعش من أهالي حلب ممن انضموا حديثاً إلى التنظيم، مما يشير بشكل واضح إلى أن التنظيم يعمل على تجنيد عناصر جديدة من الشباب إلى صفوفه، خاصة أن وجود داعش يبقى دعماً من قبل سلطة الجولاني ووجود قيادات لها داخل المؤسسات العسكرية والأمنية والسياسية.
ومع هذه الوقائع الميدانية وخطورة الأمر يخرج وزير خارجية سلطة الجولاني، أسعد الشيباني، يطلق تصريحات بعيدة عن الحقيقة يدّعي فيها أنهم ملتزمون بمحاربة الإرهاب، مشيراً إلى أن الحكومة لن تسمح لأي جماعات متطرفة بإعادة تموضعها تحت عناوين دينية أو سياسية.
لكن السؤال الأبرز هنا: من هي الجماعات الإرهابية التي يتحدث عنها الشيباني؟ هل يقصد بذلك عناصر داعش والتركستاني والإيغور والفرنسيين؟، بالتأكيد لا يقصدهم فهؤلاء لديهم معسكرات داخل مناطق سلطة الجولاني، بل إنهم باتوا جزءاً من ما يسمى الجيش السوري الجديد، والأمر ذاته ينطبق على داعش، فالأخير لديه قيادات داخل البنية العسكرية والأمنية والسياسية في سلطة الجولاني، وبالتالي يتضح جلياً أن ما يقصد الشيباني بمحاربة الإرهاب هم الكرد والعلويين والدروز والسنة المعتدلين.




