الأخبارمقالات

الحقيقة واضحة… تحـ ـريـ ـر الشـ ـام خلف مـ ـجـ ـزرة كنيسة مار إلياس

منذ سقوط نظام الأسد المجرم في 8 ديسمبر 2024، لم تتحوّل المناطق التي كان يُسيطر عليها الأخيرة إلى منطقة آمنة يعيش فيها الناس متساوون. بل تحوّلت إلى مناطق أكثر إرهاباً وسفكاً للدماء وهذا الأمر كان متوقعاً. فالذين وصلوا إلى السلطة تاريخهم الطويل يشهد لهم على ذلك من إرهاب عابر للحدود.

الطائفة العلوية التي لا يمكن بأي حال من الأحول تحميلها جرائم النظام السوري البائد كانوا من أوائل من تعرضوا للمذابح على يد سلطة دمشق التي يسيطر عليها تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابية إلى جانب فصائل الجيش الوطني السوري الإرهابي الموالية للاحتلال التركي. آلاف المواطنين العلويين الأبرياء استشهدوا على يد هؤلاء الإرهابيين وكانت الذرائع والسيناريو جاهز (محاربة فلول الأسد).

وفي وقت كانت المذابح مستمرة بحق العلويين في الساحل السوري ومناطق أخرى. شنَّت هيئة تحرير الشام وبتنسيق مع الاستخبارات التركية هجمات منظمة استهدفت أبناء الطائفة الدرزية وارتكبوا جرائم قتل بحقهم وكانت الذريعة هذه المرة (محاربة عملاء إسرائيل) علماً أن رئيس سلطة دمشق الإرهابي أحمد الشرع ومنذ وصوله لسُدّى الحكم فتح قنوات مباشرة وغير مباشرة مع إسرائيل بهدف التطبيع معها وموافقته على منح جزء من الأراضي السورية لتل أبيب مقابل السماح له الاستمرار في الحكم.

لم تنتهِ المجازر والجرائم بحق السوريين هنا. فالمسيحيون لم يكونوا بمنأى عن ذلك، فمنذ أكثر من ستة أشهر وهم يتعرضون لمضايقات وتهديدات بالقتل والإبادة الجماعية من قبل إرهابي تحرير الشام بدعوى أنهم “كفار” فإما أن يُعلنوا إسلامهم أو يتم إفناؤهم عن بكرة أبيهم.

التهديدات بإبادة المسيحيين أيضاً ليست اتهامات أو عبارات من نسج الخيال، بل هناك مقاطع مصورة لقيادات وعناصر إرهابية من تحرير الشام وهم يدعون بشكل علني إلى ذلك وهذا ما حصل بالفعل يوم أول أمس حينما أقدم الإرهابي “زياد أنور الإدلبي” المعروف باسم “أبو البراء” وهو عنصر في قوات الأمن العام التابعة لتحرير الشام بتنفيذ هجوم إرهابي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق أسفر عن استشهاد 25 شخصاً وإصابة 63 آخرين.

وقبل تنفيذ الهجوم الإرهابي على الكنيسة كان “زياد الإدلبي” يقود سيارة دعوية، وسبق له أن اقتحم حياً مسيحياً في منطقة الدويلعة وشغّل مكبرات صوت لدعوة المسيحين لدخول الإسلام، واشتبك مع أهالي الحي بالأيدي، قبل أن يطردوه هو وسيارة الدعوة من حيّهم.كما نشر الإرهابي الانتحاري صوراً للكنيسة المستهدفة قبل حوالي عشرة أيام من تنفيذ هجومه، تحمل عبارات طائفية “لقائنا قريب يا عباد الصليب”، دون أن تحرك الجهات الأمنية ساكناً لضبط هذا التهديد الصريح.

مصادر استخباراتية أكدت أن الإرهابي “أنور الإدلبي” كان قد تلقى أوامره مباشرة من أنس خطاب، وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة التابعة لهيئة تحرير الشام. وأنس الخطاب لطالما عُرِف بمواقفه العدائية الصريحة ضد مكونات الشعب السوري غير السنية، إذ أصدر سابقاً كتابًا تحت عنوان: «تحالف عباد الصليب ضد مواجهة مجاهدي الشام»، مما يشير إلى أيديولوجيا عميقة، تغذّيها السلطة، وتترجمها على الأرض عبر عمليات قتل جماعية وتفجيرات تستهدف مكونات سورية طالما شكّلت جزءًا أصيلًا من نسيجها الحضاري.

ومنذ العملية الإرهابية تحاول سلطة دمشق نفض غبار المجزرة عن نفسها وتوجيه التهمة إلى تنظيم داعش الإرهابي، حيث أصدرت وبعد عشرون دقيقة فقط من الهجوم الإرهابي بياناً قالت فيها أن تنظيم داعش هو المنفذ للهجوم، ومن أجل أن تكمل تحرير الشام السيناريو نشرت لقطات ادعت فيها أن ‏الأمن الداخلي تمكن من إلقاء القبض على عدد من المجرمين المتورطين في الهجوم الذي استهدف كنيسة القديس مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال تغطية الشمس بالغربال. فداعش هي تحرير الشام وتحرير الشام هي داعش وإن اختلفت المسميات ولكن العقيدة والفكرة واحدة وهي “الإرهاب المنظم” وارتكاب المذابح وإبادة العلويين والدروز والمسيحيين والكرد والعرب الذين يرفضون هذه التنظيمات الإرهابية وخاصة العشائر العربية الأصيلة ضمن الإدارة الذاتية والتي سبق وأن تعرضوا لتهديدات مباشرة من قبل قيادات تحرير الشام بالقصاص منهم لأنهم رفضوا مبايعة الشرع.

وعندما نقول أن العقيدة والفكرة هي واحدة بين داعش وتحرير الشام فهذه ليست اتهامات، فعندما تباع علامات ورموز داعش على البسطات في سوق الحميدية. وعندما نشاهد العشرات من مقاطع الفيديو لإرهابي تحرير الشام الذين يدعون المسيحيين لاعتناق الإسلام وإنزال الصليب من كنائس دمشق وحمص وغيرها وإلا سيكون مصيرهم الإبادة فالنتيجة حتماً سيكون نشر الإرهاب واستهداف المسيحيين وغيرهم. لذلك فإن داعش هي من تحكم دمشق ممثلاً بأحمد الشرع.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى