مقالات

مكوّنات شمال وشرق سوريا: اللامركزية السياسيّة مطلبنا ونحن جزء من سوريا

(مركز الأخبار ـ شبكة دار نيوز الإعلامية)

بعد أكثر من أربعة عشر عاماً على الأزمة السورية التي تسبّبت بمقتل مئات الآلاف من السوريين وتهجير الملايين – داخلياً وخارجياً ـ وتدمير المدن والبلدات نتيجة تعنّت نظام الأسد البائد في عدم إحداث تغييرات جذرية لصالح السوريين وتمسّكه بمواقفه ومصالحه الشخصية على حساب الشعب السوري. انهار نظام الأسد وتلاشى بعد أن كان قابعاً على صدور السوريين لعقود من الزمن.

تأمّل السوريين بعد انهيار نظام الأسد بتغيّر حال البلاد نحو الأفضل بعد عقودٍ من الظلم والإنكار وخاصةً خلال فترة الحرب السورية الأخيرة. رغم أن من وصل إلى سدة الحكم هم جماعة لديها تاريخ وحاضر دموي من خلال المجازر التي ارتكبتها بحق السوريين، إلا أن السوريين تأملوا أن يكون هناك نوعٌ من التغيير في الذهنية خاصةً بعد الوعود التي قدّمها السلطة الجديدة بداية استلامها السلطة، لكن ما حصل لاحقاً كان تكراراً ومشابهاً الوعود التي كان يقدّمها نظام الأسد. أي أنه بالمعنى الحرفي بقيَّ حبراً على ورق. فالحريات قُمِعت، والسجون امتلأت، والمجازر ارتُكبت، وشكل النظام القديم بقيَّ بل وأصبح أكثر ديكتاتوريةً من قبل.

ما يتفق اليوم عليه الأغلبية الساحقة من السوريين بمختلف مكوناتها وقومياتها وأطيافها أن تمسّك سلطة دمشق بإنشاء نظام حكم مركزي مطلق هو مرفوض تماماً وأنه لا يمكن العودة إلى الوراء وإنتاج نظام استبدادي جديد بعد كل ما عاناه الشعب السوري.

البيان الختامي لكونفرانس وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا، الذي عقد في الـ8 آب الجاري، بحضور أكثر من 400 شخصية يمثلون الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا والمؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية وممثلي مكونات شمال وشرق سوريا والعشائر العربية، أكدوا أنهم مع وحدة سوريا وسيادتها، وأن الحلّ المستدام يمرّ عبر دستور ديمقراطي يكرّس ويعزز التنوع القومي وَالثقافي والديني، ويؤسّس لدولة لا مركزية تضمن المشاركة الحقيقية لجميع المكونات في العملية السياسية والإدارية، بما ينسجم مع حرية المعتقد، والعدالة الاجتماعية، والحوكمة الرشيدة.

مواقف مكونات مناطق شمال وشرق سويا، كانت واضحة على الدوام وبشكل لا لبس فيه حيث الدعوة الصريحة إلى وحدة البلاد في إطار نظام لا مركزي يحفظ سيادة الدولة السوريّة، كون أن النظام اللامركزي هو الذي يضمن حقوق جميع المكونات “الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية” وإدارة شؤونهم الخاصة.

عشائر عربية ومكونات سوريّة مع اللامركزية

رئيس مجلس قبيلة الطي، الشيخ حسن فرحان الطائي، والذي شارك في الكونفرانس وجه رسالة إلى “الداخل السوري وللمجتمع الدولي، مفادها أن مشروع الإدارة الذاتية واللا مركزية يمثل رؤية وطنية تحفظ كرامة المواطن السوري وتسهم في حقن الدماء.”

فيما أكد ممثل قبيلة الشيخان والمنسق العام لرابطة آل البيت، الشيخ فهد الشيخاني، أن “الوطن الذي نريده يجب أن يقوم على نظام مدني يستوعب جميع الطوائف، وفق نظام لا مركزي، ويكون فيه الدستور مكتوباً بأيدي جميع السوريين، وأن يضم الجيش في صفوفه مختلف مكونات المجتمع السوري ليكون حامياً للسوريين كافة ولحدود الوطن”.

من جانبه قال شيخ قبيلة شمر العربية في سوريا، مانع حميدي دهام الجربا، أنه لا أحد يطالب بتقسيم سوريا، مشدداً على أنهم يريدون دستوراً جديداً يضمن حقوق جميع المكونات.

وفي تصريح لوكالة هاوار، أكد الشيخ أكرم محشوش مستشار قبيلة الجبور العربية، أنهم يريدون الاتفاق على سوريا موحدة بعيدة عن الحروب والطائفية.

في المحصلة، فإن الدعوات التي تطالب باللامركزية لضمان حقوق الجميع بدون استثناء وتهدف لوحدة الأراضي السورية هي صادرة عن عشائر ومكونات المنطقة وبالتالي فهي مطالب محقة صادرة من السوريين أنفسهم، بعكس من يحاول تطبيق نموذج الحكم المركزي المشابه لحكم الأسد البائد الذي أوصل البلاد إلى هذا الحال والاستقواء مجدداً بقوى خارجية لفرض هذا النموذج الديكتاتوري، فنظام الأسد كان يعتمد على روسيا وإيران في ذلك، بينما سلطة دمشق تستقوي بتركيا الدولة التي تحتل مناطق واسعة في سوريا، فمن يريد أن تبقى سوريا واحدة موحدة وأن تنهض من جديد وأن تكون سوريا للجميع عليه أن يعي تماماً أن اللامركزية السياسيّة هي الخلاص فيما المركزية المطلقة التي تريد سلطة دمشق تطبيقها يعني السير بسوريا نحو المجهول وهو ما يدخل في خدمة أجندات بعض الدول الإقليمية والدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى