
في الوقت التي تحاول فيها سلطة الجولاني إظهار محاربتها لخلايا تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، عبر إعداد سيناريوهات أقرب إلى الأفلام الهندية (بوليوود)، حيث تُعرف السينما الهندية عالمياً بمبالغتها في الأحداث والشخصيات، وتجاوز لقوانين الفيزياء والواقع، مما يضيف طابعاً درامياً أو كوميدياً كون أن أغلب الأفلام مستحيلة في الواقع، وهذا ما ينطبق على سلطة الجولاني ومحاربتها داعش.
محاربة سلطة الجولاني لداعش لا يختلف عن الأفلام الهندية الخارقة البعيدة عن الواقع، ففي حين تدّعي الأولى وعلى لسان وزارة داخليتها تنفيذ عملية استهدفت خلايا داعش في منطقة عفرين، شمال غربي سوريا، واعتقال عناصر الخلية ومصادرة أنواع مختلفة من الأسلحة كان بحوزتهم، فإن مدينة حلب (مثالاً حياً) التي تتبع لها منطقة عفرين ولا تبعد عنها سوى 60 كم، تشهد تحركات مكثفة لخلايا داعش وخاصةً في حي الشعار حيث أنشأت مراكز لها في مباني حكومية ونصبت حواجز مع توجيهات صارمة من سلطة الجولاني بعدم التعرض أو الاقتراب لها.
حي الشعار بحلب منطقة نفوذ داعش
يشير التقرير الصادر عن موقع “فوكس برس” إلى أن عناصر تنظيم داعش يتحركون بحرية تامة وبزيهم الرسمي في مدينة حلب، وخاصة في حي الشعار. حيث استولى التنظيم على مبانٍ حكومية وحولها إلى مراكز دائمة لعناصره.
أوامر رسمية بعدم التعرض لعناصر داعش
تلقت وحدات الأمن التابعة لتحرير الشام أوامر وتوجيهات رسمية من قياداتهم بعدم التعرض لعناصر داعش أو الاقتراب منهم في حي الشعار في حلب، ما أثار قلق ومخاوف الأهالي والعناصر الأمنية.
تأثير داعش على حياة الأهالي
يتجاوز تواجد داعش في حي الشعار إلى فرض سيطرتهم على حياة السكان، حيث فرضوا ارتداء الحجاب على النساء ومنعوا بيع السجائر. وبذلك، يتصرفون وكأنهم السلطات الحاكمة في المنطقة.
أبو نظير التونسي… مسؤول داعش في الشعار
وتشير معلومات مؤكدة إلى أن شخصاً يُدعى “أبو نظير التونسي” هو المسؤول عن عناصر داعش في منطقة الشعار، وقد استولى على مبنى من ثلاثة طوابق كان سابقاً مركزاً صحياً، وحوّله إلى مقرّ لعناصر داعش. ويقع المركز غرب دوار الحلوانية بالقرب من منطقة الشعار. يوجد أكثر من 20 عنصراً من داعش في المركز، وهم يبقون فيه دائماً، بينما يتمركز آخرون في نقاط مختلفة في الشعار.
حلب حاضنة لتجنيد عناصر جدد
تشير المصادر إلى أن معظم عناصر داعش في حلب هم من السكان المحليين الذين انضموا حديثاً إلى التنظيم، مما يدل على أن التنظيم ينشط في تجنيد الشباب، بدعم العديد من العناصر الأمنية والعسكرية في المدينة.
ووفق المعلومات فقد تم مؤخراً إسناد مسجد الحلوانية القريب من منطقة الشعار إلى الشيخ فيصل، المرتبط بأبو نظير التونسي. ووفقاً لأحد العناصر في “الأمن العام”، فإن انتشار داعش في الشعار قد لاقى قبولاً من عدد من عناصر القوى الأمنية والعسكرية في المدينة، الأمر الذي يفسر انضمام عناصر جديدة إلى صفوفه.
تحت أنظار سلطة الجولاني
الأمر الذي يثير استغراب ومخاوف الأهالي والمراقبين هو أن تحرك عناصر تنظيم داعش وانتشارهم في أحياء حلب يتم بعلم وموافقة وحتى بحماية من الحكومة الانتقالية. حيث يؤكد أهال أن التنظيم ينشر حواجز خلال فترات المساء في عدد من أحياء حلب، كما توسّع انتشاره في حي مساكن هنانو دون أي اعتراض من قوى الأمن التابعة للحكومة.
تحركات مشبوهة تثير الشكوك حول موقف الحكومة من داعش
وبالنظر إلى التصريحات الرسمية لسلطة الجولاني حول موقفها من تنظيم داعش، وموافقتها على الانضمام إلى الجهود الدولية لمكافحته، فإن ما يحدث على أرض الواقع يثير الكثير من الشكوك حول النية الحقيقة لهذه السلطة.
هذه الشكوك تعززها وقائع ميدانية كثيرة منها إعلان القبض على متزعم تنظيم داعش عبد الإله الجميلي مرتين خلال عدة أشهر.
حيث أعلنت سلطة الجولاني القبض على الجميلي على خلفية تجفير كنيسة مار إلياس في حي دويلعة بدمشق أثناء قدّاس ديني في 22 حزيران. ومن ثم الإعلان مرة أخرى عن اعتقاله في 8 تشرين الثاني.
تكرار الإعلان عن اعتقال الجميلي دفعت منظمات حقوقية للتساؤل حول مصداقية موقف سلطة الجولاني من تنظيم داعش.
يشار أن قوات سوريا الديمقراطية، كشفت قبل أيام تواجد خلايا داعش داخل نقاط سلطة الجولاني، واستهدافها نقاط قسد انطلاقاً من مواقع الجولاني.
وأوضحت قسد في بيانها أن الفرق الفنية استخرجت بيانات من بطاقة ذاكرة إحدى المسـيّرتين التي هاجمتا نقاطها، وتبيّن من تحليلها أنّ طاقم التشغيل مجموعة من المسلحين الأجانب المرتبطين بتنظيم داعش، يتمركزون داخل نقاط فصائل سلطة الجولاني قرب خطوط التماس.
وأكدت قسد أن هذه المعطيات “تكشف تعاوناً خطيراً يتيح لداعش بناء قدراته، داعيةً التحالف الدولي إلى فتح تحقيق وملاحقة الجهات التي توفر الدعم التقني واللوجستي لخلايا داعش داخل تلك المواقع، محذّرة من التهديد الذي يمثله ذلك على أمن المدنيين واستقرار المنطقة.




